فصل: بَابُ التَّفْوِيضِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (نسخة منقحة)



.بَابُ التَّفْوِيضِ:

أَيْ تَفْوِيضُ الزَّوْجِ تَطْلِيقَ زَوْجَتِهِ إلَيْهَا لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الطَّلَاقِ بِوِلَايَةِ الْمُطَلِّقِ نَفْسَهُ شَرَعَ فِي بَيَانِهِ بِوِلَايَةٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ غَيْرِهِ (وَإِذَا قَالَ) الزَّوْجُ (لَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ (اخْتَارِي) حَالَ كَوْنِهِ (يَنْوِي) بِهِ (الطَّلَاقَ) سَوَاءٌ كَانَتْ النِّيَّةُ حَقِيقِيَّةً أَوْ حُكْمِيَّةً كَمَا إذَا قَالَ حَالَةَ الْغَضَبِ أَوْ الْمُذَاكَرَةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ قَدْ مَرَّ أَنَّ فِي الصُّورَتَيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ (فَاخْتَارَتْ) الْمَرْأَةُ (نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِهَا الَّذِي عَلِمَتْ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ اخْتَارِي بِسَمَاعٍ أَوْ خَبَرٍ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَمَلِهَا فَلَوْ خَيَّرَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَمْ تَطْلُقْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ (فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَإِنْ امْتَدَّ كَمَا سَيَجِيءُ (بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ)؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَةَ لَهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا، وَمَا نُقِلَ عَنْ خِلَافِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمْ يَثْبُتْ وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ.
(وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ) لِأَنَّهُ لَا عُمُومَ لِلْمُقْتَضِي وَلَا رَجْعِيَّةَ وَإِنْ نَوَى لِأَنَّ اخْتِيَارَ النَّفْسِ فِي الْبَائِنِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصِحُّ نِيَّتُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بَانَتْ بِرَجْعِيَّةٍ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِلَا نِيَّةٍ.
(وَإِنْ قَامَتْ) الْمَرْأَةُ الْمُخَيَّرَةُ وَلَوْ كُرْهًا (مِنْهُ) مِنْ الْمَجْلِسِ (أَوْ أَخَذَتْ) أَيْ شَرَعَتْ (فِي عَمَلٍ آخَرَ) يُخَالِفُهُ (بَطَلَ) خِيَارُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ (وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّفْسِ أَوْ الِاخْتِيَارَةِ فِي أَحَدِ كَلَامَيْهِمَا) لِأَنَّ الْوُقُوعَ عُرِفَ سَمَاعًا فَيَتَقَيَّدُ بِهِ إجْمَاعًا فَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت بَطَلَ إلَّا أَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى اخْتِيَارِ النَّفْسِ كَمَا فِي الدُّرَرِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّصَادُقِ تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ: أَنَا أَخْتَارُ نَفْسِي) بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ (أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسِي) بِلَفْظِ الْمَاضِي (تَطْلُقُ) إذَا نَوَى الزَّوْجُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقَعَ شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ هَذَا مُجَرَّدُ وَعْدٍ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَقَعُ وَوَجْهُهُ مَذْكُورٌ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ فَلْيُطَالَعْ.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت الْأُولَى أَوْ الْوُسْطَى أَوْ الْأَخِيرَةَ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الْأَخِيرَيْنِ بِعَطْفٍ مِنْ وَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ (يَقَعُ الثَّلَاثُ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي مِلْكِهَا الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ بِلَا تَرْتِيبٍ كَالْمُجْتَمَعِ فِي الْإِمْكَانِ، فَإِذَا بَطَلَ الْأَوَّلِيَّةُ وَالْأَوْسَطِيَّةُ وَالْآخِرِيَّةُ بَقِيَ مُطْلَقُ الِاخْتِيَارِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ اخْتَرْت وَهُوَ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْكُلِّ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ (بِلَا نِيَّةٍ) مِنْ الزَّوْجِ وَبِلَا ذِكْرِ النَّفْسِ، وَإِنَّمَا لَا يُحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْكِنَايَاتِ لِأَنَّ فِي كَلَامِ الزَّوْجِ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ تَكْرِيرُ اخْتَارِي فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ النَّفْسِ أَيْضًا لِزَوَالِ الْإِبْهَامِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ قَالَ النَّسَفِيُّ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ إنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ (فِيهَا) لِأَنَّ التَّكْرَارَ لَا يُزِيلُ الْإِبْهَامَ، وَفِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْوَجْهُ.
وَفِي التَّبْيِينِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَذْفُ النِّيَّةِ فِيهَا لِشُهْرَتِهَا لَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ.
وَفِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِ الْخِلَافِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ رِوَايَةً وَدِرَايَةً اشْتِرَاطُهَا دُونَ اشْتِرَاطِ النَّفْسِ تَتَبَّعْ (وَعِنْدَهُمَا) تَقَعُ (وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُفِيدُ الْإِفْرَادَ وَالتَّرْتِيبَ؛ لِأَنَّ الْأُولَى اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ وَالْوُسْطَى اسْمٌ لِفَرْدٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَالْأَخِيرَةَ اسْمٌ لِفَرْدٍ لَاحِقٍ، وَالتَّرْتِيبُ بَطَلَ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي الْمُجْتَمَعِ فِي الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا التَّرْتِيبُ فِي أَفْعَالِ الْأَعْيَانِ فَيُعْتَبَرُ فِيمَا يُفِيدُ وَهُوَ الْإِفْرَادُ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا قَالَتْ اخْتَرْت الطَّلْقَةَ.
(وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً) أَوْ الِاخْتِيَارَةَ أَوْ مَرَّةً أَوْ بِمَرَّةٍ أَوْ دَفْعَةً أَوْ بِدَفْعَةٍ أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ اخْتِيَارَةً وَاحِدَةً (وَقَعَ الثَّلَاثُ اتِّفَاقًا)؛ لِأَنَّهُ جَوَابُ الْكُلِّ حَتَّى لَوْ كَانَ بِمَالٍ لَزِمَ كُلُّهُ.
(وَلَوْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ اخْتَارِي ثَلَاثًا (طَلَّقْت نَفْسِي) تَطْلِيقَةً (أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِإِيقَاعِهَا بَلْ لِتَفْوِيضِ الزَّوْجِ (وَقِيلَ) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ طَلُقَتْ وَاحِدَةً (يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ)؛ لِأَنَّ فِي التَّصْرِيحِ تَقَعُ رَجْعِيَّةٌ وَالْمُفَوَّضُ إلَيْهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْجَامِعِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَغَيْرُهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ لَكِنَّ تَعْلِيلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ يَأْبَى عَنْهُ فَالْحَمْلُ عَلَى الرِّوَايَةِ أَوْلَى تَأَمَّلْ.
(وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك) أَوْ كَفُّك أَوْ يَمِينُك أَوْ شِمَالُك أَوْ فَمُك أَوْ لِسَانُك أَوْ غَيْرُهَا (فِي تَطْلِيقَةٍ أَوْ) قَالَ (اخْتَارِي) تَطْلِيقَةً (فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا) فَالْفَاءُ عَاطِفَةٌ أَيْ فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي (وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ) لِعَدَمِ الْكِنَايَةِ بِالصَّرِيحِ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْآمِرِ فَيُحْمَلُ الِاخْتِيَارُ عَلَيْهِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الِاخْتِيَارِ أَضْعَفُ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ أَلَا يُرَى أَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُونَ الِاخْتِيَارِ فَالْأَضْعَفُ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَقْوَى وَالْأَقْوَى يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَضْعَفِ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ وَلَوْ خَيَّرَهَا فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي لَا بَلْ زَوْجِي لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لِلْإِضْرَابِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَقَعُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ بَلْ هُوَ سَهْوٌ تَتَبَّعْ.
(وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك) حَالَ كَوْنِهِ (يَنْوِي) بِهِ (ثَلَاثًا فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ أَوْ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ)؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّفْوِيضِ إلَيْهَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَأَرَادَ بِنِيَّةِ الثَّلَاثِ نِيَّةَ تَفْوِيضِهَا وَإِنَّمَا صَحَّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ثَبَتَ الْأَقَلُّ وَكَذَا إذَا نَوَى ثِنْتَيْنِ وَذَكَرَ النَّفْسَ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا لَا يَقَعْ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ فِي الْفَتْحِ فَلْيُرَاجَعْ.
(وَإِنْ قَالَتْ) فِي الْجَوَابِ أَمْرُك بِيَدِك (طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ فَوَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ) إذْ الْوَاحِدَةُ صِفَةٌ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَوْصُوفٍ فَيَجِبُ تَفْسِيرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ السَّابِقُ وَالسَّابِقُ فِيهِ هُنَا قَوْلُهَا طَلَّقْت فَيَجِبُ تَقْدِيرَ التَّطْلِيقَةِ فَوَقَعْت وَاحِدَةٌ.

.فَصْلٌ: (وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ):

(وَلَوْ قَالَ) لَهَا (أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ لَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ) فِيهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْيَوْمَيْنِ ذُكِرَ مُفْرَدًا وَالْيَوْمُ الْمُفْرَدُ لَا يَتَنَاوَلُ اللَّيْلَ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ أَمْرًا وَاحِدًا لِتَخَلُّلِ مَا يُوجِبُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ فَكَانَا أَمْرَيْنِ ضَرُورَةً.
(وَإِنْ رَدَّتْهُ) أَيْ الْمُخَيَّرَةُ الْأَمْرَ (فِي الْيَوْمِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (لَا يَرْتَدُّ) الْأَمْرُ (بَعْدَ غَدٍ)؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُمَا أَمْرَانِ لِانْفِصَالِ وَقْتِهِمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَقْتَيْنِ عَلَى حِدَةٍ فَبِرَدِّ أَحَدِهِمَا لَا يَرْتَدُّ الْآخَرُ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ.
(وَإِنْ قَالَ) أَمْرُك بِيَدِك (الْيَوْمَ وَغَدًا يَدْخُلُ اللَّيْلُ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقْتٌ مِنْ جِنْسِهِمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْأَمْرُ وَكَانَ أَمْرًا وَاحِدًا وَهَذَا لِأَنَّ تَخَلُّلَ اللَّيْلَةِ لَا يَفْصِلُهَا؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ قَدْ يَجْلِسُونَ لِلْمَشُورَةِ فَيَهْجُمُ اللَّيْلُ وَلَا تَنْقَطِعُ مَشُورَتُهُمْ وَمَجْلِسُهُمْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ فِي الْفَتْحِ الِاعْتِبَارُ بِهِ تَعْلِيلًا لِدُخُولِ اللَّيْلِ فِي التَّمْلِيكِ الْمُضَافِ إلَى الْيَوْمِ وَغَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَ اللَّيْلِ فِي الْيَوْمِ الْمُفْرَدِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَهُوَ هُجُومُ اللَّيْلِ وَمَجْلِسُ الْمَشُورَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ تَتَبَّعْ.
(وَإِنْ رَدَّتْهُ الْيَوْمَ لَا يَبْقَى) الْأَمْرُ فِي يَدِهَا (غَدًا) كَمَا لَا يَبْقَى فِي النَّهَارِ إذَا قَالَ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَرَدَّتْ فِي أَوَّلِهِ وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَأَمْرُك بِيَدِك غَدًا فَهُمَا أَمْرَانِ حَتَّى إنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي الْيَوْمِ كَانَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ فِي الْغَدِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَهَذَا صَحِيحٌ لِاسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَلَامَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ارْتِبَاطِهِ بِمَا قَبْلَهُ وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ هَذِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا.
(وَلَوْ مَكَثَتْ) الزَّوْجَةُ (بَعْدَ التَّفْوِيضِ) فِي مَجْلِسِ التَّفْوِيضِ وَبُلُوغِ الْخَبَرِ (يَوْمًا) أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ (وَلَمْ تَقُمْ) هِيَ مِنْ الْمَجْلِسِ وَلَمْ تَأْخُذْ فِي عَمَلٍ آخَرَ قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَيَّرَهَا ثُمَّ قَامَ هُوَ لَمْ يَبْطُلْ (لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَجَلَسَتْ)؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ أَجْمَعُ لِلرَّأْيِ وَكَذَا لَا يَبْطُلُ لَوْ مَشَتْ مِنْ جَانِبِ بَيْتٍ إلَى جَانِبِ آخَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَهَبَتْ إلَى مَجْلِسٍ آخَرَ يُغَايِرُهُ عُرْفًا (أَوْ) كَانَتْ (جَالِسَةً فَاتَّكَأَتْ) هَذِهِ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذُكِرَ فِي غَيْرِهِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَاعِدَةً فَاتَّكَأَتْ لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّهَاوُنِ فَكَانَ إعْرَاضًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (أَوْ) كَانَتْ (مُتَّكِئَةً فَقَعَدَتْ) وَلَوْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَاضْطَجَعَتْ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (أَوْ) كَانَتْ (عَلَى دَابَّةٍ) سَائِرَةٍ (فَوَقَفَتْ) أَوْ نَزَلَتْ (أَوْ دَعَتْ أَبَاهَا) أَوْ غَيْرَهُ (لِلْمَشُورَةِ أَوْ) دَعَتْ (شُهُودًا لِلْإِشْهَادِ) كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ خِلَافٌ تَتَبَّعْ (لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا)؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا لِجَمْعِ الرَّأْيِ فَيَتَعَلَّقُ بِمَا مَضَى وَلَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الْإِعْرَاضِ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَكَذَا لَا يَبْطُلُ لَوْ سَبَّحَتْ أَوْ قَرَأَتْ أَوْ أَتَمَّتْ الْمَكْتُوبَةَ أَوْ أَكَلَتْ شَيْئًا يَسِيرًا أَوْ شَرِبَتْ أَوْ لَبِسَتْ ثِيَابَهَا مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَغَلَتْ بِنَوْمٍ أَوْ اغْتِسَالٍ أَوْ امْتِشَاطٍ أَوْ اخْتِضَابٍ أَوْ تَمَكُّنٍ مِنْ الزَّوْجِ فَيَبْطُلُ.
(وَإِنْ سَارَتْ دَابَّتُهَا) بَعْدَ التَّفْوِيضِ وَالدَّابَّةُ وَاقِفَةٌ (بَطَلَ) خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا وَوُقُوفَهَا تُضَافَانِ إلَيْهَا (لَا بِسَيْرِ فُلْكٍ هِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْفُلْكِ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى رَاكِبِهِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيقَافِ.

.فَصْلٌ: (لَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك):

(وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَلَمْ يَنْوِ) بِهِ طَلَاقًا (أَوْ نَوَى وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ) أَيْ فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي (وَقَعَتْ) طَلْقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ)؛ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ.
(وَكَذَا) تَقَعُ رَجْعِيَّةٌ (لَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (أَبَنْت) نَفْسِي أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلِأَنَّ الْإِبَانَةَ مِنْ أَلْفَاظِهِ بِدَلِيلِ الْوُقُوعِ بِأَبَنْتُك فَصَلَحَتْ جَوَابًا لِطَلِّقِي نَفْسَك، وَأَمَّا كَوْنُهُ رَجْعِيًّا فَلِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهَا هُوَ الرَّجْعِيُّ وَقَدْ أَتَتْ بِزِيَادَةِ وَصْفٍ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ فَيَلْغُو ذَلِكَ وَالْمُخَالَفَةُ فِي الْوَصْفِ لَا تُعْدِمُ الْأَصْلَ فَلَا تُعَدُّ خِلَافًا لِكَوْنِهِ تَبَعًا وَعَنْ الْإِمَامِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِغَيْرِ مَا فُوِّضَ إلَيْهَا كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.
(وَإِنْ طَلَّقَتْ ثَلَاثًا) جُمْلَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً بَعْدَمَا قَالَ الزَّوْجُ طَلِّقِي نَفْسَك بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ طَلِّقِي نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً أَوْ قَالَ ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ أَلْفًا حَيْثُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي الْأَصْلِ (وَنَوَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ (وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصَرٌ مِنْ افْعَلِي فِعْلَ الطَّلَاقِ الدَّالِ عَلَى الْوَاحِدِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ.
(وَلَغَتْ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ) فِي الْحُرَّةِ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا.
(وَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (اخْتَرْت نَفْسِي لَا تَطْلُقُ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِهِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً بِدَلِيلِ عَدَمِ الْوُقُوعِ بِاخْتَارِي (وَلَا يَمْلِكُ) الزَّوْجُ (الرُّجُوعَ بَعْدَ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك) لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّعْلِيقِ (وَيَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ) فَلَوْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ الطَّلَاقِ (إلَّا إذَا قَالَ) مَعَ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك (مَتَى شِئْت) فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ لِعُمُومِ مَتَى فِي الْأَوْقَاتِ فَدَخَلَ إذَا وَإِذَا مَا وَلَا يُرَدُّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فِي إذَا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ إنْ عِنْدَهُ فَلَا يَقْتَضِي بَقَاءَ الْأَمْرِ فِي يَدِهَا؛ لِأَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تَعْمَلَ شَرْطًا فَيَتَقَيَّدُ وَأَنْ تَعْمَلْ ظَرْفًا فَلَا يَتَقَيَّدُ، وَالْأَمْرُ صَارَ فِي يَدِهَا فَلَا يَخْرُجُ بِالشَّكِّ.
وَفِي الْبَحْرِ وَحِينَ بِمَنْزِلَةِ إذَا وَكُلَّمَا كَمَتَى فِي عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِالْمَجْلِسِ مَعَ اخْتِصَاصِهَا بِإِفَادَةِ التَّكْرَارِ إلَى الثَّلَاثِ بِخِلَافِ أَنْ وَكَيْفَ وَحَيْثُ وَكَمْ وَأَيْنَ وَأَيْنَمَا فَإِنَّهَا تَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ.
(قَالَ لَهَا طَلِّقِي ضَرَّتَك أَوْ) قَالَ (لِآخَرَ طَلِّقْ امْرَأَتِي يَمْلِكُ الرُّجُوعَ) قَبْلَ تَصَرُّفِهِ (وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ)؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ (إلَّا إذَا زَادَ إنْ شِئْت)؛ لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِمَشِيئَتِهِ فَصَارَ تَمْلِيكًا لَا تَوْكِيلًا فَيَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَلَا يَرْجِعُ عَنْهُ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ كَوْنَهُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ لَازِمٌ مِنْ لَوَازِمِ التَّمْلِيكِ، وَقَدْ انْتَفَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَالَ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَامِلَ لِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ مَالِكًا وَهَذَا كَافٍ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ لَا لِكَوْنِ الْمَالِكِ كَذَلِكَ أَلْبَتَّةَ كَمَا فَهِمَهُ وَأَوْرَدَ الِاعْتِرَاضَ بِنَاءً عَلَيْهِ بَلْ الْمَالِكُ مَنْ يَتَصَرَّفُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَزُفَرَ لَا تَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ هُنَا أَيْضًا.
(وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً وَقَعَ وَاحِدَةٌ)؛ لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ تَمْلِيكِ الثَّلَاثِ (وَفِي عَكْسِهِ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا (لَا يَقَعُ شَيْءٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ الْوَاحِدِ قَصْدًا لَا فِي ضِمْنِ الثَّلَاثِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَفِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمُخَالَفَةُ عَلَى الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَقَعَ الْوَاحِدَةُ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهَا الْوَاحِدَةُ فِي ضِمْنِ الثَّلَاثِ لَا الْوَاحِدَةُ قَصْدًا كَمَا لَا يَخْفَى وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ غَيْرُ الْوَاحِدَةِ لِوُجُودِ التَّرْكِيبِ فِيهِ دُونَهَا وَلَمْ يَثْبُتْ الْوَاحِدَةُ مِنْ الثَّلَاثِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ وَلَمْ تَثْبُتْ الْجُمْلَةُ فَكَيْفَ ثَبَتَ مَا يَقُومُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَضَمِّنَ مَتَى لَمْ يَثْبُتْ لَا يَثْبُتُ مَا فِي ضِمْنِهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الشُّرُوحِ تَأَمَّلْ (وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ وَاحِدَةٌ) لِلَغْوِ الزِّيَادَةِ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك وَنَوَى وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا.
(وَفِي طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً لَا يَقَعُ شَيْءٌ)؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ شِئْت الثَّلَاثَ فَكَانَ تَفْوِيضُ الثَّلَاثِ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ وَهُوَ مَشِيئَتهَا إيَّاهَا وَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَشَأْ إلَّا وَاحِدَةً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا.
(وَكَذَا فِي عَكْسِهِ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً إنْ شِئْت وَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا لَا يَقَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ الثَّلَاثِ لَيْسَتْ مَشِيئَةَ الْوَاحِدَةِ كَإِيقَاعِهَا فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ، (وَعِنْدَهُمَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ)؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ الثَّلَاثِ تَتَضَمَّنُ مَشِيئَةَ الْوَاحِدَةِ كَمَا أَنَّ إيقَاعَهَا يَتَضَمَّنُ إيقَاعَ الْوَاحِدَةِ فَوُجِدَ الشَّرْطُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك عَشْرًا إنْ شِئْت فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا لَا يَقَعُ، وَكَذَا لَا يَقَعُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ: شِئْت نِصْفَ وَاحِدَةٍ.
(وَلَوْ أَمَرَهَا بِالْبَائِنِ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك بَائِنَةً وَاحِدَةً (أَوْ الرَّجْعِيِّ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً (فَعَكَسَتْ) الْمَرْأَةُ بِأَنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فِي الْأُولَى أَوْ بَائِنَةً فِي الثَّانِيَةِ (وَقَعَ مَا أَمَرَ) بِهِ الزَّوْجُ فَوَقَعَ فِي الْأُولَى الْبَائِنُ وَفِي الثَّانِيَةِ الرَّجْعِيُّ؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِالْأَصْلِ وَزِيَادَةَ وَصْفٍ فَيَلْغُو الْوَصْفُ وَيَبْقَى الْأَصْلُ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ شِئْت إنْ شِئْت فَقَالَ) الزَّوْجُ (شِئْت) حَالَ كَوْنِهِ (يَنْوِي الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ)؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْمَشِيئَةِ بِالْمُرْسَلَةِ وَهِيَ أَتَتْ بِالْمُعَلَّقَةِ فَيَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا بِالِاشْتِغَالِ بِمَا لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهَا مِنْ الشَّرْطِ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ وَلَا فِي كَلَامِهَا ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَبَقِيَ قَوْلُهُ شِئْتِ مُبْهَمًا، وَالنِّيَّةُ لَا تَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْمَذْكُورِ، أَمَّا لَوْ قَالَتْ شِئْت طَلَاقِي فَقَالَ شِئْت نَاوِيًا الطَّلَاقَ وَقَعَ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ تُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّيْءِ وَهُوَ الْوُجُودُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَرَدْت طَلَاقَك؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ بَلْ هِيَ طَلَبٌ لِنَفْسِ الْوُجُودِ عَنْ مَيْلٍ، وَلَا يَلْزَمُنَا أَنَّ الْإِرَادَةَ وَالْمَشِيئَةَ سِيَّانِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْبَارِي جَلَّتْ قُدْرَتُهُ وَكَلَامُنَا فِي إرَادَةِ الْعِبَادِ، وَجَازَ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا تَفْرِقَةٌ بِالنَّظَرِ إلَيْنَا وَتَسْوِيَةٌ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مَا أَرَادَهُ يَكُونُ لَا مَحَالَةَ، وَكَذَا سَائِرُ صِفَاتِهِ تَعَالَى مُخَالِفٌ لِصِفَاتِنَا وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(وَكَذَا لَوْ عُلِّقَتْ الْمَشِيئَةُ بِمَعْدُومٍ) يَعْنِي إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ شِئْت إنْ كَانَ كَذَا الْأَمْرُ لَمْ يَجِئْ بَعْدُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ قَالَ إذَا طَلَّقْت امْرَأَتِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَهُ لَا تَطْلُقُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ وَاقِعٌ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَإِذَا تَحَقَّقَ الْجَزَاءُ وَهُوَ لِثَلَاثٍ لَا يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ فَلَا يَقَعُ وَيُسَمَّى طَلَاقًا دَوْرِيًّا؛ لِأَنَّ تَحَقُّقَ الثَّلَاثِ مَوْقُوفٌ عَلَى تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ الْوَاحِدَةِ وَتَحَقُّقَ الْوَاحِدِ مَوْقُوفٌ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا اعْتِرَاضُ ابْنُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ وَتَنْظِيرُهُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِظُهُورِ الْفَرْقِ تَتَبَّعْ.
(وَإِنْ عَلَّقَ بِمَوْجُودٍ) أَيْ لَوْ قَالَتْ شِئْت إنْ كَانَ فُلَانٌ قَدْ جَاءَ، وَقَدْ جَاءَ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِأَمْرٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مَنْ قَالَ أَنَا يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَلَى هَذَا الْكُفْرَ وَأُجِيبُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْكُفْرِ، وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ نَقُولُ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَمِينِ إذَا حَصَلَ التَّعْلِيقُ بِهَا بِفِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ فَكَذَا إذَا كَانَ مَاضِيًا تَحَامِيًا عَنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا أَوْ إرَادَتِهَا أَوْ رِضَاهَا أَوْ هَوَاهَا أَوْ حُبِّهَا يَكُونُ تَمْلِيكًا فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّنْجِيزِ فَصَارَ كَالْأَمْرِ بِالْيَدِ بِخِلَافِ مَا عَلَّقَهُ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ أَفْعَالِهَا كَأَكْلِهَا وَشُرْبِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ إذَا شِئْت أَوْ إذَا مَا شِئْت فَرَدَّتْ الْأَمْرَ) بِأَنْ قَالَتْ لَا أَشَاءُ (لَا يَرْتَدُّ) وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَلَهَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَتْ؛ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا الطَّلَاقَ وَقْتَ مَشِيئَتِهَا لَا قَبْلَهُ فَلَا يَرْتَدُّ (وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَاحِدَةً مَتَى شَاءَتْ وَلَا تُرِيدُ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِلزَّمَانِ وَإِنْ اُسْتُعْمِلَتْ إذَا وَنَحْوُهَا لِلشَّرْطِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا تَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهَا بِالشَّكِّ وَلَا يَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى الشَّرْطِ لِصُدُورِ التَّعْلِيقِ مِنْ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْمُرَادُ فَلَا تَنَاقُضَ فَتَمْلِكُ التَّطْلِيقَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَلَا تَمْلِكُ تَطْلِيقًا بَعْدَ تَطْلِيقٍ.
(وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا شِئْت فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ ثَلَاثًا مُتَفَرِّقًا) أَيْ فِي ثَلَاثَةِ مَجَالِسَ فَلَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فِي كُلِّ مَجْلِسٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا لِعُمُومِ الِانْفِرَادِ لَا عُمُومَ الِاجْتِمَاعِ، وَلِهَذَا قَالَ (لَا مَجْمُوعًا) أَيْ فَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مَجْمُوعًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ.
وَفِي الْمِنَحِ كَلِمَةُ كُلٍّ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ بِحَسَبِ الْمَقَامِ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْكَثِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} أَيْ كَثِيرًا، وَيُفِيدُ التَّكْرَارَ بِدُخُولِ مَا عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ (وَلَا) تَمْلِكُ الْإِيقَاعَ إنْ عَادَتْ إلَيْهِ (بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ)؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ قَدْ انْتَهَى بِالتَّثْلِيثِ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ التَّحْلِيلِ مَكَانَ زَوْجٍ آخَرَ لَكَانَ أَظْهَرَ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ شِئْت أَوْ أَيْنَ شِئْت لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَشَأْ) الطَّلَاقَ (فِي مَجْلِسِهَا) وَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَلَا مَشِيئَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُمَا اسْمَانِ لِلْمَكَانِ وَالطَّلَاقُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَكَانِ فَيَلْغُو ذِكْرُهُمَا لَكِنْ فِيهِمَا مَعْنَى التَّأْخِيرِ وَحُرُوفُ الشَّرْطِ كَذَلِكَ فَيُجْعَلَانِ مَجَازًا عَنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِي حُرُوفِ الشَّرْطِ الْمُتَمَحِّضَةِ لِلشَّرْطِيَّةِ إنْ دُونَ مَتَى وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَصْلِ فَيُقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ، وَبِمَا قَرَّرْنَا انْدَفَعَ سُؤَالَانِ: أَحَدُهُمَا إذَا لَغَا ذِكْرُ الْمَكَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَبَّرَ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَجَازًا عَنْ الشَّرْطِ فَلِمَ حُمِلَ عَلَى إنْ دُونَ مَتَى.
(وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت فَإِنْ شَاءَتْ مُوَافَقَةً لِنِيَّتِهِ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنَةً أَوْ ثَلَاثًا وَقَعَ كَذَلِكَ) أَيْ مَا شَاءَتْ مُوَافِقًا لِنِيَّتِهِ لِثُبُوتِ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ مَشِيئَتِهَا وَإِرَادَتِهِ.
(وَإِنْ تَخَالَفَا) أَيْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا وَالزَّوْجُ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ بِالْعَكْسِ (تَقَعُ) طَلْقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ)؛ لِأَنَّهُ لَغَتْ مَشِيئَتُهَا لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ فَبَقِيَ إيقَاعُ الزَّوْجِ بِالصَّرِيحِ، وَنِيَّتُهُ لَا تَعْمَلُ فِي جَعْلِهِ بَائِنًا وَلَا ثَلَاثًا (وَكَذَا) يَقَعُ رَجْعِيَّةٌ (إنْ لَمْ تَشَأْ) لِوُجُودِ أَصْلِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهَا هُوَ الْكَيْفُ وَالْوَصْفُ (وَعِنْدَهُمَا) وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (لَا يَقَعُ شَيْءٌ)؛ لِأَنَّ هَذَا تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لَهَا عَلَى أَيِّ وَصْفٍ شَاءَتْ وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا تَعَلَّقَ أَصْلُ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَتِهَا فَإِذَا لَمْ تَشَأْ لَا يَقَعُ لَكِنْ رُجِّحَ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ كَيْفَ لِلِاسْتِفْهَامِ عَنْ الشَّيْءِ وَلَا يُتَصَوَّرُ تَمَكُّنُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْأَصْلِ وَفِيمَا قَالَا تَعْلِيقُ الْأَصْلِ وَإِبْطَالُهُ لِأَجْلِ الْوَصْفِ، وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذْ قَامَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ فَعِنْدَهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَفِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ تَقَعُ عِنْدَهُ طَلْقَةٌ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَالرَّدُّ كَالْقِيَامِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَقَعُ مَا شَاءَتْ) بِالِاتِّفَاقِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ، أَمَّا عَلَى أَصْلِهِ فَلِأَنَّهُ أَقَامَهَا مَقَامَ نَفْسِهِ فِي إثْبَاتِ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ كَيْفَ لِلْحَالِ، وَالزَّوْجُ وَلَوْ أَوْقَعَ رَجْعِيًّا يَمْلِكُ جَعَلَهُ بَائِنًا وَثَلَاثًا عِنْدَ الْإِمَامِ فَكَذَا الْمَرْأَةُ عِنْدَ هَذَا لِتَفْوِيضِ تَمَلُّكِ جَعْلِ مَا وَقَعَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَكَذَا يَمْلِكُ إيقَاعَ الْبَائِنِ وَالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضُ أَصْلِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا عَلَى أَيِّ وَصْفٍ شَاءَتْ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ كَمْ شِئْت أَوْ مَا شِئْت طَلُقَتْ مَا شَاءَتْ) وَاحِدَةً وَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ كَمْ اسْمُ الْعَدَدِ وَمَا عَامٌّ فَتَنَاوَلَ الْكُلُّ (فِي الْمَجْلِسِ لَا بَعْدَهُ) فَإِنْ قَامَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْوَقْتِ فَاقْتَضَى جَوَابًا فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ رَدَّتْهُ كَانَ رَدًّا.
(وَإِنْ قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْت فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ) بِالْإِجْمَاعِ (لَا الثَّلَاثَ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا لِلْعُمُومِ، وَمِنْ لِلْبَيَانِ، وَلَهُ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْكَمَالِ فِي تَحْرِيرِهِ بِأَنْ تَقْدِرَ عَلَى الْبَيَانِ مَا شِئْت مِمَّا هُوَ الثَّلَاثُ وَطَلِّقِي مَا شِئْت وَفِ بِهِ فَالتَّبْعِيضُ مَعَ زِيَادَةِ الثَّلَاثِ أَظْهَرُ.
وَفِي الْمِنَحِ وَمِثْلِهِ اخْتَارِي مِنْ الثَّلَاثِ مَا شِئْت.

.بَابُ التَّعْلِيق:

أَيْ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَبْحَاثِ الْمُنَجَّزِ شَرَعَ فِي الْمُعَلَّقِ، وَالتَّعْلِيقُ مِنْ عَلَّقَهُ تَعْلِيقًا جَعَلَهُ مُعَلَّقًا.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى (إنَّمَا يَصِحُّ) التَّعْلِيقُ حَالَ كَوْنِهِ (فِي الْمِلْكِ) أَيْ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الزَّوْجِيَّةِ بِوَصْفِ الِاخْتِصَاصِ وَذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ النِّكَاحِ أَوْ الْعِدَّةِ مَعَ حَلِّ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ لَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَالْمَرْأَةُ مَدْخُولَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِالْمُصَاهَرَةِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ فِيهِ فَمِنْ بَعْضِ الظَّنِّ تَأْوِيلُ الْمِلْكِ بِوُجُودِ النِّكَاحِ، وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يُشْتَرَطْ لِصِحَّةِ التَّنْجِيزِ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَبَقَاءُ الْمِلْكِ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ فَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (كَقَوْلِهِ لِمَنْكُوحَتِهِ) أَوْ لِمُعْتَدَّتِهِ (إنْ زُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ) فَيَقَعُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الزِّيَارَةُ، وَلَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَاقِلًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ ثُمَّ جُنَّ عِنْدَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ إيقَاعٌ حُكْمًا.
أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ مَجْنُونًا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيُجْعَلُ طَلَاقًا (أَوْ مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ) بِأَنْ يُعَلَّقَ عَلَى نَفْسِ الْمِلْكِ، نَحْوُ إنْ مَلَكْت طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ (كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ نَكَحْتُك) أَيْ تَزَوَّجْتُك (فَأَنْتِ طَالِقٌ) فَإِنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ فَاسْتُعِيرَ السَّبَبُ لِلْمُسَبَّبِ أَيْ مَلَكْتُك بِالنِّكَاحِ (فَيَقَعُ إنْ نَكَحَهَا) لِوُجُودِ الشَّرْطِ.
وَفِي الزَّاهِدِيِّ قَدْ ظَفِرْت بِرِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ كَمَا قَالَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ عَقِيبَ سَبَبِهِ وَالْجَزَاءُ يَقَعُ عَقِيبَ شَرْطِهِ فَلَوْ صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِهِ لَكَانَ الطَّلَاقُ مُقَارِنًا لِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَالطَّلَاقُ الْمُقَارِنُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ أَوْ لِزَوَالِهِ لَمْ يَقَعْ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ نِكَاحِك أَوْ فِي نِكَاحِك أَوْ مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِك، وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ فَلْيُطَالَعْ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا خَصَّصَ أَوْ عَمَّ كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا لَمْ يُسَمِّ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا أَوْ قَبِيلَةً أَوْ أَرْضًا أَوْ نَحْوَ هَذَا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ الْمُضَافُ إلَى الْمِلْكِ، وَتَفْصِيلُ دَلِيلِنَا وَدَلِيلِهِمَا مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ فَلْيُطَالَعْ.
ثُمَّ التَّعْلِيقُ قَدْ يَكُونُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَاهُ وَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا تَعَرَّفَتْ بِالْإِشَارَةِ لَمْ يُرَاعِ فِيهَا صِفَةَ التَّزَوُّجِ بَلْ الصِّفَةُ فِيهَا لَغْوٌ فَبَقِيَ قَوْلُهُ هَذِهِ طَالِقٌ.
(وَلَوْ قَالَ) الظَّاهِرُ بِالْفَاءِ لِكَوْنِهِ تَفْرِيعًا لِمَا قَبْلَهُ (لِلْأَجْنَبِيَّةِ إنْ زُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا فَزَارَتْ لَا تَطْلُقُ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَلَا الْإِضَافَةِ إلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَجْتَمِعُ بِهَا فِي فِرَاشِي فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَا تَطْلُقُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ جَارِيَةٍ أَطَؤُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَاشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى الْمِلْكِ.
(وَأَلْفَاظُ الشَّرْطِ إنْ) وَهِيَ أَصْلٌ فِيهِ لِوَضْعِهَا لَهُ وَمَا وَرَاءَهَا مُلْحَقٌ بِهَا (وَإِذَا وَإِذَا مَا وَكُلُّ) وَكَلِمَةُ كُلّ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ مَا يَلِيهَا اسْمٌ وَالشَّرْطُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَزَاءُ وَالْأَجْزَئِيَّةُ تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ لَكِنَّهُ أُلْحِقَ بِالشَّرْطِ لِتَعَلُّقِ الْفِعْلِ بِالِاسْمِ الَّذِي يَلِيهَا كَقَوْلِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَكَذَا (وَكُلَّمَا وَمَتَى وَمَتَى مَا) وَمِنْ جُمْلَتِهَا لَوْ وَمَنْ وَأَيُّ وَأَيَّانَ وَأَيْنَ أَنَّى.
ثُمَّ مَتَى تَقَدَّمَ الْجَزَاءُ عَلَى الشَّرْطِ امْتَنَعَ أَنْ يَرْتَبِطَ بِحَرْفِ الْفَاءِ وَمَتَى تَأَخَّرَ عَنْهُ وَجَبَ أَنْ يَرْتَبِطَ بِهِ إذَا كَانَ وَاحِدًا مِنْ سَبْعٍ وَجَمَعَهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَهُوَ طَلَبِيَّةٌ وَاسْمِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ ** وَبِمَا وَقَدْ وَبِلَنْ وَبِالتَّنْفِيسِ

فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ يَتَنَجَّزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ نَوَى التَّعْلِيقَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِعَدَمِ مَا بِهِ التَّعْلِيقُ وَهُوَ الْفَاءُ، وَلَا يَتَنَجَّزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ هَذَا الْكَلَامِ لِإِرَادَةِ التَّعْلِيقِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ يَتَنَجَّزُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي كُلِّ حَالٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّ أَنْ لِلتَّعْلِيقِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعِلَّةِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ فَلْيُطَالَعْ (فَفِي جَمِيعِهَا) أَيْ جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ (إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ انْتَهَتْ الْيَمِينُ)؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لِلْعُمُومِ وَالتَّكْرَارِ لُغَةً فَبِوُجُودِ الْفِعْلِ مَرَّةً يَتِمُّ الشَّرْطُ وَإِذَا تَمَّ وَقَعَ الْحِنْثُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْحِنْثُ مَرَّةً أُخْرَى إلَّا بِيَمِينٍ أُخْرَى أَوْ بِعُمُومِ تِلْكَ الْيَمِينِ وَلَيْسَ فَلَيْسَ.
وَفِي الْفَتْحِ وَإِنْ مَعَ لَفْظِ أَبَدًا مُؤَدٍّ لَفْظَ مَتَى بِانْفِرَادٍ فَإِذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أَبَدًا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فَطَلُقَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَا تَطْلُقُ، وَمِنْ غَرَائِبِ الْمَسَائِلِ مَا فِي الْغَايَةِ مَنْ قَالَ لِنِسْوَةٍ لَهُ مَنْ دَخَلَ مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ فَدَخَلْت وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مِرَارًا طَلُقَتْ بِكُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَهُوَ الدُّخُولُ أُضِيفَ إلَى جَمَاعَةٍ فَيُرَادُ بِهِ عُمُومُهُ عُرْفًا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ أَيُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا حَيْثُ يَعُمُّ بِعُمُومِ الصِّفَةِ فَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً حَنِثَ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّهَا وَبَقِيَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الِاسْمِ، وَإِذَا تَزَوَّجَ غَيْرَهَا حَنِثَ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ فِي حَقِّهَا وَاسْتُشْكِلَ حَيْثُ لَمْ تَعُمَّ أَيُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا بِعُمُومِ الصِّفَةِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ (إلَّا فِي) كَلِمَةِ (كُلَّمَا فَإِنَّهَا تَنْتَهِي) الْيَمِينُ (فِيهَا بَعْدَ الثَّلَاثِ) فِي الْحُرَّةِ وَالثِّنْتَيْنِ فِي الْأَمَةِ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ انْتَهَتْ، يَعْنِي إنْ وُجِدَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ انْتَهَتْ الْيَمِينُ إلَّا فِي كَلِمَةِ كُلَّمَا؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي عُمُومَ الْأَفْعَالِ فَإِذَا وُجِدَ فِعْلٌ فَقَدْ وُجِدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ وَيَبْقَى فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيَحْنَثُ إذَا وُجِدَ غَيْرَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ طَلْقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ وَهِيَ مُتَنَاهِيَةٌ فَتَنْتَهِي الْيَمِينُ بِانْتِهَائِهَا (مَا لَمْ تَدْخُلْ) تِلْكَ الْكَلِمَةُ (عَلَى) صِيغَةِ (التَّزَوُّجِ) لِدُخُولِهَا عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ (فَلَوْ قَالَ) تَفْرِيعٌ لِمَا قَبْلَهُ (كُلَّمَا تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ تَطْلُقُ بِكُلِّ تَزَوُّجٍ، وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ)؛ لِأَنَّ صِحَّةَ هَذَا الْيَمِينِ بِاعْتِبَارِ مَا سَيَحْدُثُ مِنْ الْمِلْكِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَنَاهٍ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ عَلَى الْمُنْكِرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كُلٍّ وَتَمَامُهُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ، وَالْحِيلَةُ فِيهِ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ أَوْ فَسْخُ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ، وَكَيْفِيَّةُ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهُ فُضُولِيٌّ فَأَجَازَ بِالْفِعْلِ بِأَنْ سَاقَ الْمَهْرَ وَنَحْوَهُ لَا بِالْقَوْلِ فَلَا تَطْلُقُ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُكِّلَ بِهِ لِانْتِقَالِ الْعِبَارَةِ إلَيْهِ وَكَيْفِيَّةُ الْفَسْخِ أَنْ يُزَوِّجَ الْحَالِفُ امْرَأَةً فَيَرْفَعَانِ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَيْهِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا بِالْحَلِفِ صَارَتْ مُطَلَّقَةً فَيَلْتَمِسُ مِنْ الْقَاضِي فَسْخَ الْيَمِينِ فَيَقُولُ فَسَخْت هَذِهِ الْيَمِينَ وَأَبْطَلْتهَا وَجَوَّزْت النِّكَاحَ فَإِنْ أَمْضَاهُ قَاضٍ حَنَفِيٌّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ أَجْوَدَ، وَعَقْدُ الْفُضُولِيِّ أَوْلَى فِي زَمَانِنَا مِنْ الْفَسْخِ لَكِنْ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ الْفَسْخَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ إنْ كَانَ الْحَالِفُ شَابًّا فَإِقْدَامُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ الْعُزُوبَةِ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا فَالْعُزُوبَةُ أَوْلَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَفِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ لَطِيفِ مَسَائِلِهَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَلَّقَهَا تَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا وَقَعَ طَلَاقِي عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَقَعَ الثَّلَاثُ.
(وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا تَطْلُقْ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَ) بَعْدَ (زَوْجٍ آخَرَ) أَيْ بَعْدَ الْعَوْدِ عَنْ زَوْجٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فِي هَذَا النِّكَاحِ إلَّا الثَّلَاثَ، وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ.
وَقَالَ زُفَرُ يَقَعُ وَهُوَ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ التَّنْجِيزَ مُبْطِلٌ لِلطَّلَاقِ عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ دَوَامَ الْفِعْلِ بِمَنْزِلَةِ إنْشَائِهِ فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا قَعَدْت عِنْدَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَعَدَ عِنْدَهَا سَاعَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَا يَلْزَمْ التَّكْرَارُ أَنْ يَكُونَ فِي الزَّمَانَيْنِ فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا ضَرَبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَرَبَهَا بِيَدَيْهِ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بِكُلِّ يَدٍ كَالضَّرْبِ بِضِغْثٍ.
(وَزَوَالُ الْمِلْكِ) بَعْدَ (الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ، وَالْجَزَاءُ بَاقٍ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ فَيَبْقَى الْيَمِينُ وَالْمُرَادُ زَوَالُهُ بِطَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَمَّا إذَا زَالَ بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ فَإِنَّهُ يُزِيلُهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُضَافَةً إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ فَحِينَئِذٍ لَا يَبْطُلُ بِالثَّلَاثِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ثُمَّ قَيَّدَهُ بِشَرْطٍ بِقَوْلِهِ (وَالْمِلْكُ) شَرْطٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ (لَا) شَرْطٌ (لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ) فَإِنَّهَا تَنْحَلُّ بِوُجُودِ الشَّرْطِ فِي الْمِلْكِ وَبِوُجُودِهِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ ثُمَّ بَيَّنَ مَا يُفَرَّعُ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمِلْكِ بِأَنْ كَانَ النِّكَاحُ قَائِمًا أَوْ كَانَ فِي الْعِدَّةِ (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فِي الْمِلْكِ بِأَنْ وُجِدَ فِي غَيْرِهِ (انْحَلَّتْ) الْيَمِينُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ حَقِيقَةً (وَلَا يَقَعُ) شَيْءٌ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ، فَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقَعَ الثَّلَاثُ فَحِيلَتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ يَدْخُلُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَإِنْ دَخَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي وُجُودِ الشَّرْطِ) فَقَالَتْ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمِلْكِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَقَالَ بِخِلَافِهِ (فَالْقَوْلُ لَهُ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ.
اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُتُونِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ فَالْقَوْلُ لَهُ، لَكِنْ فِي الْعِمَادِيِّ وَغَيْرِهِ لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ لَمْ تَصِلْ النَّفَقَةُ فِي وَقْتِ كَذَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي وُصُولِهَا فَالْقَوْلُ لَهَا عَلَى الْأَصَحِّ.
وَفِي الْمِنَحِ وَجَزَمَ شَيْخُنَا فِي فَتْوَاهُ بِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ؛ لِأَنَّهَا الْكُتُبُ الْمَوْضُوعَةُ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ تَتَبَّعْ.
(إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ) أَيْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ أَمْرًا حَادِثًا، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ عَدَمِيًّا فَإِنَّ بُرْهَانَهَا عَلَيْهِ مَقْبُولٌ فَلَوْ حَلَفَ إنْ لَمْ تَجِئْ صِهْرَتِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَامْرَأَتِي كَذَا فَشَهِدَ أَنَّهُ حَلَفَ كَذَا وَلَمْ تَجِئْ صِهْرَتُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَطَلُقَتْ امْرَأَتُهُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النَّفْيِ صُورَةً وَعَلَى إثْبَاتِ الطَّلَاقِ حَقِيقَةً وَالْعِبْرَةُ لِلْمَقَاصِدِ لَا لِلصُّوَرِ (وَفِيمَا) أَيْ شَيْءٍ عُلِّقَ بِشَرْطٍ (لَا يُعْلَمُ) وُجُودُ ذَلِكَ الشَّرْطِ (إلَّا مِنْهَا) كَالْحَيْضِ (الْقَوْلُ لَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (فِي حَقِّ نَفْسِهَا) خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهَا إذْ لَا يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي الْعِدَّةِ إذَا أَخْبَرَتْ بِانْقِضَائِهَا وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا إذَا أَخْبَرَتْ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ وَلَا تَحِلَّ إذَا أَخْبَرَتْ انْقِطَاعَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُصَدَّقَ فِي حَقِّ نَفْسِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ كَمَا فِي الدُّخُولِ وَفِيهِ أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَلْيُطَالَعْ (لَا فِي حَقِّ غَيْرِهَا)؛ لِأَنَّهَا شَاهِدَةٌ فِي حَقِّ ضَرَّتِهَا بَلْ هِيَ مُتَّهَمَةٌ فَلَا تَقْبَلُ قَوْلَهَا فِي حَقِّهَا وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ.
(فَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ فَقَالَتْ حِضْت طَلُقَتْ هِيَ لَا) تَطْلُقُ (فُلَانَةُ) لِمَا ذُكِرَ.
وَفِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا هَذَا إذَا كَذَّبَهَا الزَّوْجُ فِي قَوْلِهَا، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهَا طَلُقَتْ فُلَانَةُ أَيْضًا لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي صُورَةِ الِاخْتِلَافِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ تَأَمَّلْ.
وَفِي التَّبْيِينِ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إذَا أَخْبَرَتْ وَالْحَيْضُ قَائِمٌ فَإِذَا انْقَطَعَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ فَشَرْطٌ فِيهِ قِيَامُ الشَّرْطِ (وَكَذَا) يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا لَا فِي غَيْرِهَا.
(لَوْ قَالَ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ عَذَابَ اللَّهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ فَقَالَتْ أُحِبُّ طَلُقَتْ) الْمَرْأَةُ (وَلَا يَعْتِقُ) الْعَبْدُ فَإِنْ قِيلَ تَيَقُّنًا بِكَذِبِهَا حِينَ قَالَتْ أُحِبُّ عَذَابَ اللَّهِ فَلَمْ تَطْلُقْ أُجِيبُ بِمَنْعِ التَّيَقُّنِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَبْلُغُ بِهِ ضِيقُ الصَّدْرِ وَعَدَمُ الصَّبْرِ وَسُوءُ الْحَالِ إلَى دَرَجَةٍ يُحِبُّ الْمَوْتَ فِيهَا فَجَازَ أَنْ يَحْمِلَهَا شِدَّةُ بُغْضِهَا مَعَ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَعَدَمِ الذَّوْقِ لِلْعَذَابِ فِي الْحَالِ عَلَى تَمَنِّي الْخَلَاصِ مِنْهُ بِالْعَذَابِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ كُنْت تُحِبِّينِي بِقَلْبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أُحِبُّك كَاذِبَةً طَلُقَتْ قَضَاءً وَدِيَانَةً عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ بِالْقَلْبِ فَذِكْرُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْلُقُ دِيَانَةً إلَّا إذَا صُدِّقَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَحَبَّةِ هُوَ الْقَلْبُ وَاللِّسَانُ خَلَفٌ عَنْهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَصْلِ يُبْطِلُ الْخَلْفِيَّةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ كَالتَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ تَخْيِيرًا حَتَّى لَوْ قَامَتْ وَقَالَتْ أُحِبُّهُ لَا تَطْلُقُ، وَالتَّعْلِيقُ بِالْحَيْضِ لَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ.
وَالثَّانِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَاذِبَةً فِي الْأَخْبَارِ تَطْلُقُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَحَبَّةِ لِمَا قُلْنَا وَفِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ لَا تَطْلُقُ دَيَّانَةً كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا شَيْئًا مِنْ السَّبِّ نَحْوَ: قَرْطَبَانٌ وَسِفْلَةٌ فَقَالَ إنْ كُنْت كَمَا قُلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كَمَا قَالَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
(وَلَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ (فِي) قَوْلِهِ (إنْ حِضْت مَا لَمْ يَسْتَمِرَّ الدَّمُ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَاضَةً (فَإِذَا اسْتَمَرَّ) الدَّمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (مِنْ ابْتِدَائِهِ) أَيْ مِنْ حِينِ رَأَتْ الدَّمَ؛ لِأَنَّهُ بِالِامْتِدَادِ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَتَزَوَّجَتْ عِنْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ صَحَّ نِكَاحُهَا، وَلَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِحَيْضِهَا عِتْقُ عَبْدٍ فَجَنَى أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَهُوَ فِي الْجِنَايَةِ كَالْأَحْرَارِ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً يَقَعُ) الطَّلَاقُ (إذَا طَهُرَتْ) مِنْ حَيْضِهَا وَذَلِكَ إمَّا بِمُضِيِّ الْعَشَرَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مَعَ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ إذَا انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْهَا، وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ اسْمٌ لِلْكَامِلِ وَهِيَ لَا تَتَجَزَّأُ، وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ: إذَا حِضْت أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ، وَلَوْ قَالَ لِطَاهِرٍ: إذَا طَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ وَقَالَ زُفَرُ إذَا مَضَى لِحَيْضِهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ يَقَعُ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ ذَكَرًا وَأُنْثَى.
(وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَدْرِ الْأَوَّلَ) مِنْهُمَا (تَطْلُقُ وَاحِدَةً قَضَاءً) لِتَيَقُّنِهَا (وَثِنْتَيْنِ تَنَزُّهًا) أَيْ تَبَاعُدًا عَنْ الْحُرْمَةِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ هَذَا وَاحِدَةً فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ) بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا فَإِنْ وَلَدْت الذَّكَرَ أَوَّلًا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْأُنْثَى، وَإِنْ وَلَدْت الْأُنْثَى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الذَّكَرِ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا، وَأَمَّا إذَا عَلِمَا الْأَوَّلَ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَوَّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَإِنْ وَلَدْت غُلَامًا وَجَارِيَتَيْنِ وَلَا يَدْرِي الْأَوَّلَ يَقَعُ ثِنْتَانِ قَضَاءً وَثَلَاثٌ تَنَزُّهًا وَإِنْ وَلَدْت غُلَامَيْنِ وَجَارِيَةً لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ قَضَاءً وَثَلَاثٌ تَنَزُّهًا، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ جَارِيَةً فَثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِلْكُلِّ فِيمَا لَمْ يَكُنْ جَارِيَةً أَوْ غُلَامًا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك غُلَامًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا عَامَّةٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَا فِي هَذَا الْعِدْلِ حِنْطَةً فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ دَقِيقًا فَطَالِقٌ فَإِذَا فِيهِ حِنْطَةٌ وَدَقِيقٌ لَا تَطْلُقُ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَقَعَتْ ثَلَاثًا، وَلَوْ قَالَ إنْ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَلِدِينَهُ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا يَقَعُ الثَّلَاثُ لِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَوْجُودٌ فِي ضِمْن الْمُقَيَّدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ) طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا (بِشَرْطَيْنِ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ وَدَارَ عَمْرٍو أَوْ قَالَ لَهَا إنْ كَلَّمْت أَبَا عَمْرٍو وَأَبَا يُوسُفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (شَرَطَ لِلْوُقُوعِ وُجُودَ الْمِلْكِ عِنْدَ آخِرِهِمَا) حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ مَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِشَرْطَيْنِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ وَهِيَ مُبَانَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَوُجِدَ الشَّرْطُ الْآخَرُ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ، وَوَقَعَ فِي الدُّرَرِ عَلَّقَ الثَّلَاثَ بِشَيْئَيْنِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَهُوَ الْمِلْكُ يُشْتَرَطُ لِآخِرِ الشَّرْطَيْنِ لَمَّا قَالَ فِي الْفَتْحِ وَجَعَلَهُ فِي الْكَنْزِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّ تَعَدُّدَ الشَّرْطِ لَيْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَدُّد الشَّرْطِ بِتَعَدُّدِ فِعْلِ الشَّرْطِ وَلَا تَعَدُّدَ فِي الْفِعْلِ هُنَا بَلْ فِي مُتَعَلَّقِهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ تَعَدُّدُهُ تَعَدُّدَهُ، فَإِنَّهَا لَوْ كَلَّمْتهمَا مَعًا وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَغَايَتُهُ عَدَدٌ بِالْقُوَّةِ انْتَهَى.
لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي جَعْلِهِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ مِنْ تَعَدُّدِ الشَّرْطِ سَهْوٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَهُ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى وَصْفَيْنِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ عِبَارَتَهُ لَا مِنْ قَبِيلِ تَعَدُّدِ الشَّرْطِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَإِنْ وُجِدَا) أَيْ الشَّرْطَانِ (أَوْ آخِرُهُمَا فِيهِ) أَيْ فِي الْمِلْكِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ.
(وَإِنْ وُجِدَا أَوْ آخِرُهُمَا لَا فِيهِ لَا يَقَعُ) لِاشْتِرَاطِ الْمِلْكِ حَالَةَ الْحِنْثِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطَانِ فِي الْمِلْكِ فَيَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يُوجَدَانِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ أَوْ يُوجَدُ الْأَوَّلُ فِي الْمِلْكِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ أَيْضًا أَوْ يُوجَدُ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِهِ وَالثَّانِي فِيهِ فَيَقَعُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ (وَيُبْطِلُ تَنْجِيزُ الثَّلَاثِ تَعْلِيقَهُ) وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَالتَّنْجِيزُ يُبْطِلُ التَّعْلِيقَ؛ لِأَنَّ تَنْجِيزَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ لَا يُبْطِلُ التَّعْلِيقَ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ لَا تَنْجِيزَ مَا دُونَهَا كَمَا قِيلَ بَلْ هُوَ مُسْتَدْرَكٌ (فَلَوْ عَلَّقَهَا) أَيْ الثَّلَاثَ (بِشَرْطٍ ثُمَّ نَجَّزَهَا) أَيْ الثَّلَاثَ (قَبْلَ وُجُودِهِ) أَيْ الشَّرْطِ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ التَّحْلِيلِ فَوُجِدَ) الشَّرْطُ (لَا يَقَعُ شَيْءٌ) يَعْنِي إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ نَجَّزَهَا وَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ أَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِثِنْتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ عِنْدَهُمَا فَتَعُودُ إلَيْهِ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ بِدُخُولِهَا الدَّارَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَهْدِمُ الزَّوْجُ مَا دُونَهَا فَتَعُودُ إلَيْهِ بِمَا بَقِيَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْفَتْحِ وَثَمَرَتُهُ لَا يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلِاتِّفَاقِ فِيهَا عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ بَلْ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ بِدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ فَدَخَلَتْ ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ الْغَلِيظَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِعَدَمِ الْهَدْمِ وَلَا تَثْبُتُ عِنْدَهُمَا لِتَحَقُّقِهِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ أَوْ الْعِتْقَ بِالْوَطْءِ) بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ جَامَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَجَامَعَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ (لَا يَجِبُ الْعُقْرُ بِاللُّبْثِ) أَيْ بِالْمُكْثِ (بَعْدَ الْإِيلَاجِ) إذْ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ، وَاللُّبْثُ لَيْسَ بِوَطْءٍ بَعْدَهُ، وَكَذَا الْحَالُ فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ (وَلَا يَصِيرُ بِهِ) أَيْ بِاللُّبْثِ بَعْدَ الْإِيلَاجِ (مُرَاجِعًا فِي) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ) أَيْ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ رَجْعِيًّا (مَا لَمْ يَنْزِعْ ثُمَّ يُولِجُ) ثَانِيًا فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مُخْتَارُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ بِتَعَرُّضٍ لِلْبُضْعِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَ ثُمَّ أَوْلَجَ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ الْإِدْخَالُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الِاتِّحَادِ وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ، وَقَدْ كَانَ أَوَّلُهُ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ فَلَا يَكُونُ آخِرُهُ مُوجِبًا لَهُ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّهُ قَالَ يَجِبُ الْعُقْرُ وَيَصِيرُ مُرَاجِعًا لِوُجُودِ الْمِسَاسِ بِشَهْوَةٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ لَكِنْ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ عِنْدَنَا وِقَادٌ بِدَوَاعِي الْوَطْءِ كَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ بِشَهْوَةٍ وَهَاهُنَا اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ مَوْجُودٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَثْبُتَ الرَّجْعَةُ عِنْدَهُ أَيْضًا تَدَبَّرْ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَإِنْ لَبِثَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَنْزِعْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ وَمَهْرٌ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسْتَأْنِفْ؛ لِأَنَّ دَوَامَهُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ فَوْقَ الْخَلْوَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ.
(وَلَوْ قَالَ) لِلَّتِي تَحْتَهُ (إنْ نَكَحْتهَا) أَيْ فُلَانَةَ (عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ لَا تَطْلُقُ) زَوْجَتُهُ الْجَدِيدَةُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ عَلَيْهَا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مَنْ يُنَازِعُهَا فِي الْفِرَاشِ وَيُزَاحِمُهَا فِي الْقِسْمِ وَلَمْ يُوجَدْ وَقَيَّدَ بِالْبَائِنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي الرَّجْعِيِّ طَلُقَتْ.
(وَإِنْ وَصَلَ) الزَّوْجُ وَصْلًا مُتَعَارَفًا مَسْمُوعًا فَلَا يَضُرُّ لَوْ سَكَتَ قَدْرَ مَا يَتَنَفَّسُ أَوْ عَطَسَ أَوْ تَجَشَّأَ أَوْ كَانَ فِي لِسَانِهِ ثِقَلٌ فَطَالَ تَرَدُّدُهُ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ فَأَمْسَكَ الْغَيْرُ فَمَه (بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَوْلُهُ إنْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) وَمَا هَذِهِ مَوْصُولَةٌ (أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) وَإِنْ شَاءَ الْمَلِكُ أَوْ الْجِنُّ أَوْ الشَّجَرُ أَوْ الْحَائِطُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ (لَا تَطْلُقُ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ» وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَبْطُلُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إبْطَالٌ وَإِعْدَامٌ لِلْحُكْمِ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَا تَعْلِيقَ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فَاءَ التَّعْلِيقِ وَلَمْ يَقَعْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَهُ، وَلَوْ مُقَدَّمًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكَلَامُ يَمِينٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَعَبْدِي حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عِنْدَهُمَا (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ (لَوْ مَاتَتْ) الْمَرْأَةُ (قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ)؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ خَرَجَ بِالْإِنْشَاءِ عَنْ أَنْ يَكُونَ إيجَابًا وَالْمَوْتُ يُنَافِي الْوُجُوبَ لَا الْمُبْطِلَ.
(وَإِنْ مَاتَ هُوَ) قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (يَقَعُ) الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَشِيئَةِ عَنْ قَصْدٍ أَوْ عَنْ عَمَلِهِ بِمَعْنَاهُ حَتَّى لَوْ أَتَى بِهَا عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ جَاهِلًا بِهَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ اسْتَثْنَى مُتَّصِلًا وَهُوَ لَا يَذْكُرُهُ قَالُوا إنْ كَانَ حَالٌ لَا يَدْرِي مَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ لِغَضَبٍ جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ الشُّهُودِ وَإِلَّا لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ خِلَافًا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَقَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَالْفَتْوَى احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الْفُرُوجِ فِي زَمَانٍ غَلَبَ عَلَى النَّاسِ الْفَسَادُ، وَلَا يُرَدُّ مَا قِيلَ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِأَمْرِ الْفُرُوجِ مَنْظُورٌ فِيهِ؛ لِأَنَّا لَوْ احْتَطْنَا كَمَا قَالَ يَكُونُ قَدْ تَرَكْنَا الِاحْتِيَاطَ فِي حِلِّ التَّزَوُّجِ بِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ إذَا لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُ وَحَكَمَ بِالْفُرْقَةِ نَفَذَ حُكْمَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَحَلَّ التَّزَوُّجُ بِهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ بِبَقَاءِ الْخِلَافِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا.
(وَفِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) مُتَّصِلًا (يَقَعُ ثِنْتَانِ)؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْوَاحِدَةِ مِنْ الثَّلَاثِ اسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَكْثَرِ فَيَصِحُّ وَيَقَعُ ثِنْتَانِ (وَفِي) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (الِاثْنَتَيْنِ) يَقَعُ (وَاحِدَةٌ) وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ إلَّا الْفَرَّاءَ مِنْهُمْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ.
وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجُوزُ لِمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُحْصَى وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَمَّا صَارَ عِبَارَةً عَنْ الْبَاقِي يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يَبْقَى شَيْءٌ يَصِيرُ بِهِ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ الثُّنْيَا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (وَفِي) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا ثَلَاثًا) يَقَعُ (ثَلَاثٌ) بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ بَقَاءِ مَا يَصِيرُ بِهِ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ الثُّنْيَا وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ رُجُوعٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ فَاسِدٌ وَلَيْسَ بِرُجُوعٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ قَالُوا إنَّمَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ إذَا كَانَهُ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ، وَأَمَّا إذَا اسْتَثْنَى بِغَيْرِهِ كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا فَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ وَهِنْدَ فَيَجُوزُ وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ.

.بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ:

وَفِي الْبَعْضِ الْفَارِّ ، وَرَجَّحَهُ بِأَنْ قَالَ الْحُكْمُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْمَرَضِ لَكِنْ مَنْ نَظَرَ إلَى أَصَالَةِ الْمَرَضِ عَنْوَنَ بِهِ وَالْبَاقِي تَبَعٌ لَهُ وَوَجْهُ تَأْخِيرِهِ لَيْسَ بِخَفِيٍّ (الْحَالَةُ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا الرَّجُلُ فَارًّا بِالطَّلَاقِ وَلَا يَنْفُذُ تَبَرُّعَهُ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (إلَّا مِنْ الثُّلُثِ مَا يَغْلِبُ فِيهَا الْهَلَاكُ) أَيْ خَوْفُهُ وَهَذَا حَدٌّ لِلْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ شَرْعًا وَهُوَ شَامِلٌ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ثُمَّ ذَكَرَ لِتَوْضِيحِهِ مَا يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ مِنْ حَدٍّ آخَرَ فَقَالَ (كَمَرَضٍ يَمْنَعُهُ عَنْ إقَامَةِ مَصَالِحِهِ) أَوْ عَنْ الذَّهَابِ إلَى حَوَائِجِهِ (خَارِجَ الْبَيْتِ) وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا عِبْرَةَ لِلْقُدْرَةِ فِي الْبَيْتِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَا يُصَلِّي قَائِمًا وَقِيلَ لَا يَمْشِي وَقِيلَ يَزْدَادُ مَرَضُهُ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْفَقِيهِ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ وَفِي السُّوقِيِّ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الدُّكَّانِ.
وَفِي التَّسْهِيلِ قَالَ أَبُو اللَّيْثُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ صَاحِبَ فِرَاشٍ بَلْ الْعِبْرَةُ لِلْغَلَبَةِ يَعْنِي إنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ هُوَ الْمَوْتُ وَهُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْبَيْتِ، هَذَا فِي حَقُّ الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمَرْأَةُ لَا تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ فِي حَوَائِجِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الْحَدُّ فِي حَقِّهَا وَلَكِنْ إذَا كَانَتْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا الصُّعُودُ إلَى السَّطْحِ فَهِيَ مَرِيضَةً كَمَا سَيَأْتِي، وَالْحَامِلُ كَالصَّحِيحَةِ إلَّا إذَا أَخَذَهَا الْوَجَعُ الَّذِي يَكُونُ آخِرُهُ انْفِصَالَ الْوَلَدِ فَهِيَ كَالْمَرِيضَةِ، أَمَّا إذَا أَخَذَهَا ثُمَّ سَكَنَ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَالْمَسْلُولُ وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَالْمَدْقُوقُ مَا دَامَ يَزْدَادُ بِهِ فَهُوَ مَرِيضٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (وَمُبَارَزَتِهِ رَجُلًا) أَيْ مُحَارَبَتِهِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَرَضٍ (وَتَقْدِيمِهِ لِيُقْتَلَ فِي قِصَاصٍ) عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ (أَوْ رَجْمٍ) عَلَى الْمُخْتَارِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ قَدَّمَهُ ظَالِمٌ لِيَقْتُلَهُ وَكَمَنْ أَخَذَهُ السَّبُعُ بِفِيهِ أَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ وَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ (فَلَوْ أَبَانَ) وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ (امْرَأَتَهُ) بِغَيْرِ رِضَاهَا وَهِيَ مِمَّنْ تَرِثُهُ (وَهُوَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ ثُمَّ مَاتَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ (بِذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ بِغَيْرِهِ) كَمَا إذَا قُتِلَ الْمَرِيضُ أَوْ مَاتَ ذَلِكَ الْمُبَارِزُ بِمَرَضٍ (وَهِيَ) امْرَأَتُهُ (فِي الْعِدَّةِ) وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ فَإِنَّهَا تَرِثُ عِنْدَهُمْ بَعْدَ الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِآخَرَ وَعَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِأَزْوَاجٍ (وَرِثَتْ) جَوَابُ لَوْ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إبْطَالَ إرْثِهَا فَرُدَّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
وَفِي الْمِنَحِ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجِ بِأَهْلِيَّتِهَا لِلْمِيرَاثِ فَلَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي مَرَضِهِ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدُهَا أَعْتَقَهَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَانَ فَارًّا فَتَرِثُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا وَقَالَ الزَّوْجُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ إنْ عَلِمَ بِكَلَامِ الْمَوْلَى كَانَ فَارًّا وَإِلَّا لَا (وَكَذَا) تَرِثُ (لَوْ طَلَبَتْ رَجْعِيَّةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا) أَوْ بَائِنًا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ وَلِهَذَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا إيَّاهُ رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ حَقِّهَا.
(وَ) كَذَا تَرِثُ (مُبَانَةً قَبَّلَتْ ابْنَهُ) أَيْ ابْنَ الزَّوْجِ (بِشَهْوَةٍ)؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ وَقَعَتْ قَبْلَ تَقْبِيلِهَا بِإِبَانَةِ الزَّوْجِ فَكَانَ فَارًّا وَلَمْ تَكُنْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا أَوَّلًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَبَّلَتْ ابْنِ الْمَرِيضِ أَوْ جَامَعَهَا، وَلَوْ مُكْرَهَةً حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ مِنْ جِهَتِهَا.
(وَلَوْ أَبَانَهَا وَهُوَ مَحْصُورٌ) فِي حِصْنٍ (أَوْ) أَبَانَهَا (فِي صَفِّ الْقِتَالِ) أَيْ غَيْرُ مُبَارِزٍ (أَوْ) أَبَانَهَا وَهُوَ (مَحْبُوسٌ لِقِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ لَكِنَّهُ مُشْتَكٍ) مِنْ أَلَمٍ (أَوْ مَحْمُومٌ) أَوْ رَاكِبٌ سَفِينَةً أَوْ نَازِلٌ فِي مَكَان مَخُوفٍ أَوْ مُخْتَفٍ مِنْ عَدُوٍّ (لَا تَرِثُ) يَعْنِي لَوْ أَبَانَهَا فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَمَاتَ بِذَلِكَ السَّبَبِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ فِي مِثْلِ هَذَا الْهَلَاكُ (وَكَذَا) لَا تَرِثُ (الْمُخْتَلِعَةُ) بِسُؤَالِهَا (وَمُخَيَّرَةٌ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا) لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ مِنْ جِهَتِهَا (وَ) كَذَا لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ (مَنْ طَلُقَتْ) عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ (ثَلَاثًا) أَوْ بَائِنًا فِي مَرَضِهِ (بِأَمْرِهَا أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهَا لَكِنْ صَحَّ) مِنْ مَرَضِهِ (ثُمَّ مَاتَ) فِي الْعِدَّةِ لِعَدَمِ الْفِرَارِ فِي الْأَوَّلِ وَالصِّحَّةِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقْت نَفْسَهَا بَائِنًا فَأَجَازَ فَإِنَّهَا تَرِثُ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلْإِرْثِ إجَازَتُهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَفِي الْمِنَحِ قَالَ صَحِيحٌ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ بَيَّنَ فِي مَرَضِهِ إحْدَاهُمَا صَارَ الزَّوْجُ فَارًّا بِالْبَيَانِ فَتَرِثُ مِنْهُ.
(وَ) كَذَا لَا تَرِثُ (مَنْ ارْتَدَّتْ) عِيَاذًا بِاَللَّهِ تَعَالَى (بَعْدَمَا أَبَانَهَا) الزَّوْجُ (ثُمَّ أَسْلَمَتْ) فِي الْعِدَّةِ لِبُطْلَانِ أَهْلِيَّةِ الْإِرْثِ بِالرِّدَّةِ وَلَمْ يَعُدْ السَّبَبُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ (، وَكَذَا) لَا تَرِثُ (مُفَرَّقَةٌ بِسَبَبِ الْجَبِّ أَوْ الْعُنَّةِ) وَفِي الِاخْتِيَارِ خِلَافٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ خِيَارِ الْبُلُوغِ أَوْ) خِيَارِ (الْعِتْقِ) لِرِضَاهَا.
(وَلَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ وَهِيَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا (مَرِيضَةٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ بَيْتِهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْمَرَضِ الَّذِي تَصِيرُ بِهِ فَارَّةً (ثُمَّ مَاتَتْ) فِي الْحَالِ الْمَذْكُورَةِ (وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَهَا) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ تَكُونُ فَارَّةً حَتَّى لَوْ بَاشَرَتْ سَبَبَ الْفُرْقَةِ مِنْ الْخِيَارَاتِ وَغَيْرِهَا بَعْدَمَا حَصَلَ لَهَا الْمَرَضُ فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنْهَا لِفِرَارِهَا مِنْ إرْثِهِ ظَاهِرًا.
(وَلَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا فِي مَرَضِهِ) وَمَاتَ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ (أَوْ تَصَادَقَا) أَيْ الزَّوْجَانِ فِي الْمَرَضِ (أَنَّهَا) أَيْ الْإِبَانَةَ (كَانَتْ حَصَلَتْ فِي صِحَّتِهِ وَمَضَتْ الْعِدَّةُ) أَيْ إذَا طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ بِسُؤَالِهَا أَوْ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِهِ كُنْت طَلَّقْتُك وَأَنَا صَحِيحٌ فَانْقَضَتْ عِدَّتُك فَصَدَّقَتْهُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَوْ صَدَّقَتْهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى طَلَاقِهَا وَعِدَّتِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ.
تَدَبَّرْ.
(ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ الْإِبَانَةِ أَوْ التَّصَادُقِ (أَوْصَى) الزَّوْجُ (لَهَا) بِوَصِيَّةٍ (أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ) لَهَا عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَلَهَا) أَيْ فَقَدْ كَانَ لَهَا عِنْدَهُ (الْأَقَلُّ مِنْ إرْثِهَا وَمِمَّا أَوْصَى أَوْ أَقَرَّ) وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَوْ فَلَهَا الْأَقَلُّ أَيْ أَقَلُّهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا مِنْ إرْثِهَا وَمِمَّا أَوْصَى أَوْ أَقَرَّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ مَعْمُولُ الظَّرْفِ لَكِنْ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَخْفَشُ وَعَلَى الثَّانِي مُبْتَدَأٌ وَ مِنْ بَيَانٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّامُ مِنْ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ أَنَّ مِنْ لِبَيَانِ الْأَقَلِّ وَالْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ فَإِنَّهُ شَاذٌّ وَإِنَّمَا قُلْنَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ جَازَ الْإِقْرَارُ وَالْوَصِيَّةُ لَهَا فِي صُورَةِ التَّصَادُقِ إذْ النِّكَاحُ قَدْ زَالَ انْتَهَى.
وَقَالَ زُفَرُ لَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَعَ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ وَمَعَ زُفَرَ فِي الْأُولَى، لَكِنَّ حَقَّ التَّعْبِيرِ: وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَعَ زُفَرَ فِي الْأُولَى وَمَعَ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ فَانْظُرْ فِي تَعْلِيلِهِمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَمَّةَ يَظْهَرُ لَك الْحَقُّ تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ عَلَّقَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ وَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَوُجِدَ) الْمُعَلَّقُ بِهِ (فَإِنْ كَانَ التَّعَلُّقُ وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ وَرِثَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ مِنْهُ لِتَحَقُّقِ الْفِرَارِ.
(وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي الصِّحَّةِ لَا تَرِثُ) يَعْنِي إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَا تَرِثُ خِلَافًا لِزُفَرَ وَفِي عَكْسِهِ لَا تَرِثُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا صَرَّحَ هَذِهِ مَعَ كَوْنِهَا مُسْتَفَادَةً مِنْ الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ تَدَبَّرْ.
(وَإِنْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِفِعْلِ نَفْسِهِ) سَوَاءٌ كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنْهُ كَدُخُولِ الدَّارِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ كَالتَّنَفُّسِ وَالصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَكَلَامِ الْأَبَوَيْنِ وَطَلَبِ الْحَقِّ مِنْ الْخَصْمِ وَغَيْرِهَا (وَهُمَا) أَيْ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ (فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطُ) فِيهِ (فَقَطْ) وَالتَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ (وَرِثَتْ)؛ لِأَنَّهُ فَارٌّ لِقَصْدِهِ بُطْلَانِ إرْثِهَا بِوُجُودِ الشَّرْطِ فِيهِ.
(وَكَذَا) تَرِثُ (لَوْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِفِعْلِهَا) أَيْ بِفِعْلِ زَوْجَتِهِ (وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ) كَالتَّنَفُّسِ وَغَيْرِهِ (وَهُمَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ التَّعْلِيقَ وَالشَّرْطَ (فِي مَرَضِهِ)؛ لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فِي الْفِعْلِ.
(وَكَذَا) تَرِثُ (لَوْ كَانَ الشَّرْطُ فَقَطْ) لَا التَّعْلِيقُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَرَضِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ بِاضْطِرَارِهَا صَارَتْ مُكْرَهَةً فَيَنْتَقِلُ فِعْلُهَا إلَى الزَّوْجِ فَصَارَ كَالتَّعْلِيقِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الطَّلَاقِ لَمْ يُوجَدْ فِي حَالِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا فَلَا يَكُونُ فَارًّا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لَكِنَّ مُخْتَارَ أَصْحَابِ الْمُتُونِ هُوَ الْأَوَّلُ.
(وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَا تَرِثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لَكِنْ تَرْتَقِي إلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إمَّا بِمَجِيءِ الْوَقْتِ أَوْ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِهَا وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالشَّرْطَ إمَّا أَنْ يُوجَدَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ أَوْ يُوجَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ.
(وَإِنْ قَذَفَهَا) مُطْلَقًا (أَوْ لَاعَنَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَرِثَتْ)؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِسَبَبِ قَذْفٍ وُجِدَ مِنْهُ فَكَانَ فَارًّا.
(وَكَذَا) تَرِثُ (لَوْ كَانَ الْقَذْفُ فِي الصِّحَّةِ وَاللِّعَانُ فِي الْمَرَضِ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِنْ آلَى مِنْهَا) أَيْ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ (وَبَانَتْ بِهِ) أَيْ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (فَإِنْ كَانَا) أَيْ الْإِيلَاءُ وَالْبَيْنُونَةُ (فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ)؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
(وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ فِي الصِّحَّةِ لَا) تَرِثُ (وَفِي) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ تَرِثُ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْآخَرُ فِي الْمَرَضِ بِفِعْلِهَا أَوْ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ (إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ وَلَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ فِي عِدَّتِهَا بَلْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا (لَا) تَرِثُ.